تعيش منطقة الساحل والغرب الأفريقي دورة جديدة من أزمة الحكم والتعاي ش الهش بين القصور والثكنات، زيادة ع لى تصاعد أزمة التنافس على المنطقة بين قوى دولية متعددة.
بعض هذه القوى يعتبر المنطقة إرثا خالصا له منذ أكثر من قرن، ومنها الس اعي إلى ترسيخ أقدامه بقوة في منطقة تعيش شعوبها تحت وطأة الفقر والعنف المسلح، وفوق أديم أرض ثرية بمختلف الخيرات والثروات المطمور ة أو المن هوبة.
وفي سنوات الأخيرة تفاقمت أزمات الساحل الأمنية والسياسية والاقتص ادية، وترافق ذلكمع انتقال للسل طة في دوله الخمس إلى أجيال حكم جد يدة، ولم يكن الانتقال سلسلا في الغالب، فباستثناء النيجر وموريتابا فباستثناء النيجر وموريتاباف ستثناء النيجر إن العسكر الساحليين استعادوا تشغيل ذاكرة الانقلابات والإطاحة بالأن ظمة الهشة، التي نخرتها أزمات الأمن والتنمية المنهارة.
أي دول المنطقة شهدت مؤخرا تغيرا في هرم السلطة؟
شهدت مجموعة دول الساحل الخمس المعروفة بـ »جي 5″، والتي تضم كلا من مور يتانيا وبوركينا فاسو ومالي وتشاد والن يجر، انتقالا متفاوتا في طبيعته وشكله على مستوى هرم السلطة.
وبينما استطاعت موريتانيا والنيجر الخروج من أزمة التداول السلمي إلى انتقال ديمقراطي يحترم على الأقل في شكله ال مدخل الانتخابي للوصول إلى السلطة، ترنحت الدول الساحلية الثلاث الأخرى بين انتقالات قسرية، أنت جتها أزمات عمي قة، وأعقبتها أخرى.
ويبدو الانقلابان المالي والبوركينابي أبرز المتغيرات العنيفة في المنطقة، بعد اغتيال الرئيس التشادي إدريس ديبي إبنو، حيث دخل معهما البل دان منعطفا من شأنه أن يضاعف أزماتهما السياسية والأمنية.
وبسبب تأثيراته الداخلية الكبيرة، فإن الانقلاب في مالي لم يضف تعقيد جديدا إلى الأزمة السياسية المحلية فحس ب؛ بل تحول إلى أزمة إقليمية ودولية، بفعل الرهانات الجديدة للنظام الما لي، وتأثير الدخول الروسي على المنطقة.
أما في بوركينافاسو فإن ما حدث أشبه بثورة عسكرية، داخل الدولة التي كادت تنهار بسبب تصاعد الصراع بين ال سلطة والجماعات الإسلامية المسل.حة لناشطة في المثلث الحدودي الملتهب بين مالي والنيجر وبوركينا فاس و.
لقد انضاف هذان الانقلابان إلى انقلاب غينيا كوناكري، وكادت غينيا بي ساو تلتحق بالركب الانقلابي، قبل أن يت مكن أنصار الرئيس عمر سيسوكو إمب الو، من استعادة السيطرة.
ما أبرز سمات الانقلابات الجديدة في المنطقة؟
إن المتحور الجديد من وباء الانقلابات في أفريقيا يمتاز بعدة سمات مشت Autres mots :
– صدور الانقلابات من كتائب القوات الخاصة: وهي ألوية عسكرية أقيمت دائما لمواجهة الإرهاب والتصدي للخطر الذي يح دق بالقصور، وتنطبق هذه السمة ع لى الحاكم العسكري محمد إدريس ديبي، والعقيد عاصمي غويتا القائد السابق للقوات الخاصة، والمقدم مامادي دومبوي الرك ينا ف اسو فإن القائد الجديد المقدم بول هنري سانداوغو داميبا هو أيضا قادم من القوات الخاصة، ومنها إلى ق يادة اللواء الخاص بحماية العاصمة واغادوغو.
– جيل شبابي: ينتمي القادة الجدد للساحل إلى سن عمرية متقاربة، وتدور أعمارهم غالب اما بين 35-45 سنة، وذلك في عودة إ لى جيل الحكام الشباب الذي ظهروا في القا رة الأفريقية وتحديدا في غربها خلال سنوات الاستقلال الأولى.
– العبور من الهاجس الأمني إلى السلطة : يستند القادة الجدد في غرب ومنطقة الساحل إلى الملف الأمني با عتباره المدخل الأهم إلى السلطة، ويحمل ه ؤلاء الأنظمة المطاح بها المس ؤولية عن الانهيار الأمني والضعف في توفير الدعم المناسب للقوات العسكات ية المتصدية لللقوات العسكات ية المتصدية لللكات هاب، أو العبور من الأزمة السياسية المتفاقمة، ليكون الانقلاب المنقذ المؤقت من انهيار الدولة .
– ما الذي يتميز به كل انقلاب على حدة؟
وإلى جانب هذه السمات المشتركة، فإن لكل واحد من الانقلابات أو القفزا ت العسكرية إلى السلطة، سمات خاصة يختلف بها عن نظيره الآخر، فقد كان وص ول الجنرال محمد إدريس ديبي إلى الحكم في التشاد انقلابا عسكريا، سد ه الفراغ السياسي والأمني بعد مقتل والده، ومكنه أيضا من القفز إلى السلطة، التي كان سيفقدها مباشرة لو سار الانتقال وفق مر اسيم الدستور.
أما في مالي فإن الانقلاب العسكري قد جاء حسما للخلاف السياسي العميق الذي تصاعد منذ نهاية المأمورية الأخيرة ل لرئيس السابق إبراهيما أب.و بك ر كيتا، إلا أنه امتاز بمتغير آخر، هو تأثير العنصر الدولي عبر التدخل ا لروسي ال ذي كان ظهوره حاسما في خلط الأوراق وتوتير الأوضاع أكثر في الم نطقة .
ويزداد تعقيد الانقلاب العسكري في مالي بما أضفاه من تأزم في العلاقة بين باماكو وحليفتها التقليدية باريس، ل تتحول العلاقة بينهما من الوصا ية والتحكم، إلى الصراع الذي تكلل أخيرا بطرد باماكو للسفير الفرنسي رد ا على تصر يحات رئيس الدبلوماسية.
أما في غينيا كوناكري فقد كان الانقلاب العسكري بديلا عن الأزمة السيا سية التي أعقبت تمديد الرئيس المطاح به آل فا كوندي لولايته، وإعادة انت خابه رئيسا للبلاد، غير أن الانقلاب هنا يأخذ بعدا آخر، قد لا تغيب عنه صابع فرنسا التي لم ترتح لتوجه كوندي إلى فتح علاقات ذات بعد اقتصادي وأمني مع خصومها الأتراك، ومنافسيها الصينيين الروس، بال توازي مع رفع كوندي للهجت ه الناقدة دائما للوجود والنفوذ الفرنسي في أف ريقيا.
ولا يخفى تداخل أبعاد السياسة والأمن والأصابع الخارجية في مختلف هذه الانقلابات، ولا يمكن إغفال تأثير أزمة كورونا (كوفيد-19) على هذه الأنظم ة الأفريقية الهشة، حيث تضاعفت وتيرة الارتباك الاقتصادي، وحدة الم ظال م الاجتماعية، التي فاقمها إغلاق الحدود، مما حقق التنبؤات التي تحدثت عن إمكانية انهيار أنظمة هشة بسبب تأثيرات الجائحة.
ما تأثير الصراع الروسي الفرنسي في أزمات المنطقة؟
يحمل المتحور الجديد من أزمات منطقة الساحل وغرب أفريقيا البصمة الوا ضحة للصراع والتنافس القوي بين فرنسا والمتد خلين الجدد في المنطقة، وصا روسيا التي تسعى جاهدة لترسيخ وجودها في المنطقة.
وتبدو مجموعة فاغنر الروسية الخاصة (مرتزقة) عنوان التأزم الجديد بين ا لغرب وروسيا بشكل عام على المصالح والنف وذ في أفريقيا، لقد استطاعت هذه المجموعة أن تكون جزءا مهما من الأزمة والحل في ليبيا وأفريقيا الوسطى ، وها هي الآن تتصدر الحضور والفعالية في مالي.
ولا يمكن فهم الحساسية المفرطة التي عبرت عنها قوى غربية متعددة، على رأسها فرنسا، من الوجود الروسي إلا م ن خلال حجم المصالح والمتغيرات التي سيحققها في مالي وجود حليف قوي مثل روسيا، التي يرى البعض أن حضورها يرها عزز بالتضامن والتكامل مع حليفها التقليدي والمناوئ غالبا لفرنسا وهو الجزائر.
وتتقدم روسيا بشكل خاص في الملف المالي عبر البوابة الأمنية، من خلال مساعدة باماكو على إعادة السيطرة على أ راضي التي تسيطر عليها الجماعة المسلحة، وتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي الذي أثبت نجاعته بقوة في تعقب قا دة نوعيين في التنظيمات المقاتلة، وخصوصا جماعة ماسينا بقيا دة آمادو كوفا التي تعتبر الحربة الأقوى الآن في مواجهة باماكو.
ما الخطوة المنتظرة من فرنسا ردا على تراجعها في الساحل؟
لا يتوقع أن تستلم فرنسا للأمر الواقع في الساحل، بما يعنيه ذلك من تضر رمصالحها الاقتصادية والأمنية، ف Il s'agit de « من دون أفريقيا ستكون فرنسا جزءا من العالم الثالث ».
ولهذا فإن الدول « المارقة » على النفوذ الفرنسي، وخصوصا مالي، ستكون في مواجهة انتقام متعدد الملامح، ولن يكو ن آخرها ملف الحصار الاقتصادي، فم ن غير المستبعد أن تدفع فرنسا إلى تأزيم الوضع الأمني في المنطقة، عذ أ ذ رعها المتعددة، مما سيؤدي إلى إنهاك نظام باماكو الجديد وجره إلى طاولة المفاوضات، إن لم تتمكن من جره بوسائلها التقلي دية خارج الس Oui.
« Nerd du Web primé. Sympathique expert de l’Internet. Défenseur de la culture pop adapté aux hipsters. Fan total de zombies. Expert en alimentation. »